بتلك الكلمات، وحدّت كبريات المواقع والصحف العربية عناوينها: «أرقام صادمة.. ما الذي يتقاضاه رونالدو؟»، للحديث عن العقد الأضخم في تاريخ الرياضة كله، والذي وقعه اللاعب البرتغالي كريستيانو رونالدو مع نادي النصر حتى عام ٢٠٢٧م، وقد جاءت تفاصيله على النحو التالي:
244 مليون دولار سنويًّا (4.7 مليون دولار أسبوعيًّا).
33.7 مليون دولار مكافأة توقيع، ترتفع إلى 52 مليون دولار، حال تمديد العقد لعام ثانٍ.
15 بالمئة من أسهم ملكية نادي النصر (تعادل 45 مليون دولار تقريبًا).
110,000 دولار لكل هدف، ترتفع 20 بالمئة في السنة الثانية.
55,000 دولار لكل تمريرة حاسمة.
11 مليون دولار حال تتويج النصر بلقب الدوري.
5.5 مليون دولار حال فوز رونالدو بجائزة الهدّاف.
9 مليون دولار في حال التأهل ثم الفوز بدوري أبطال آسيا للنخبة.
إضافة إلى خدمات خارج الملعب تُقدر بنحو 2 مليون دولار سنويًّا.
5.5 مليون دولار سنويًّا لاستخدام طائرة خاصة.
رعاية كاملة لحياته الخاصة ومعيشته في الرياض.
رزم رعاية وإعلانات بقيمة قد تصل إلى 82 مليون دولار من شركات سعودية وآسيوية.
وفئات المتعجبين كثيرة، فأهل البلد يتساءلون كيف يكون هذا وحال كثير من أبناء هذا البلد يعيشون تحت خط الفقر! وكثيرون لا يكادون يجدون قوت يومهم، والبطالة تزداد في السعودية نفسها، والفقر يتعاظم في أقاليمها وقراها؟! ومحاكم التنفيذ مكتظة بقضايا المعسرين وأوامر التنفيذ للذين عجزوا عن سداد ديونهم التي اقترضها أكثرهم لدفع ضرورات الحياة خير شاهد!
والمسلمون في العالم يقولون كيف يحصل هذا وحول السعودية هياكل عظمية في غزة، وغيرها من البلاد التي تعاني أزمات وحروب كالسودان واليمن، أو خرجت للتو من دمار كسوريا، أو ترزح تحت حكم ظلوم كمصر يُدمر ما تبقى من خيراتها؟!
وأهل الدعوة يتعجبون ويندهشون كيف لا تمول الخلاوي والكتاتيب والمدارس الأهلية في دول إفريقيا وآسيا الفقيرة مايعتبر قوة ناعمة وتمدد للسعودية؟!
والمخططون الاستراتيجيون يتساءلون: كيف لا تستقطب السعودية دولًا من حولها بمثل هذا البذخ؛ فتتبعها الدول بدلًا من أن تبقى تابعة للولايات المتحدة الأمريكية. كيف لا تضع لها قواعد في الصومال واليمن وإرتريا وغيرها بمثل هذا أو نحوه؟!
فأهل البلد يتساءلون كيف يكون هذا وحال كثير من أبناء هذا البلد يعيشون تحت خط الفقر! وكثيرون لا يكادون يجدون قوت يومهم، والبطالة تزداد في السعودية نفسها، والفقر يتعاظم في أقاليمها وقراها؟! ومحاكم التنفيذ مكتظة بقضايا المعسرين وأوامر التنفيذ للذين عجزوا عن سداد ديونهم التي اقترضها أكثرهم لدفع ضرورات الحياة خير شاهد!
والعلماء والأكاديميون يتحسرون: كيف لا تُحدث السعودية نهضة علمية، وتستقطب العلماء لديها لتطوير مراكزها العلمية والبحثية لتصير مستقبلًا مصدرة للتقنية وليست مستهلكة ومستوردة لها؟!
وأرباب الأعمال والصناعة يعجبون: كيف لا تشجع السعودية المشاريع الصغيرة والمتناهية في الصغر، لكل شاب طموح أو أسرة مستورة الحال، لتبصح مستقبلًا كالصين التي فعلت ذلك، وتغزو العالم بصناعتها الرخيصة؟!
والرياضيون يقولون: كيف لا ننمي الرياضة المحلية بتعزيز ميزانيات تأهيل وتحفيز الشباب، ليبنوا أجسادًا قوية، ولتخريج كفاءات في المجال الرياضي، ليكونوا مصدرًا للدخل بدلًا من هذا الاستنزاف والسخف المادي؟! بل يتساءلون: هل يستحق رونالدو الأربعيني كل هذا المبلغ، وهل سيكون بعد عامين قادرًا على «العطاء»، وهل كان المفاوض كفؤًا بما يكفي لعقد هذه الصفقة السفيهة أو أن رونالدو كان ليرضى بأقل منها؟!
والمنتسبون لهيئة مكافحة الفساد يسألون: هل مرت هذه الصفقة بمعايير الشفافية المطلوبة أم أن المسؤولين قد تلطخوا بشيء من الفساد والتربح غير المشروع منها؟!
والعلماء والأكاديميون يتحسرون: كيف لا تُحدث السعودية نهضة علمية، وتستقطب العلماء لديها لتطوير مراكزها العلمية والبحثية لتصير مستقبلًا مصدرة للتقنية وليست مستهلكة ومستوردة لها؟!
والسياسيون والنشطاء، يفتحون جرح الرقابة والتدقيق: ألو كان للسعودية مجلس شورى حقيقي يسائل هؤلاء المسرفين عما يبذرون أكانوا واقعين في تلك الجريمة المالية؟! ألو كانت الموازنة السعودية خاضعة لتدقيق شديد من الشورى والإعلام الحر أكان هذا السفه حاصلًا؟!
ألا توجد طريقة ليرانا العالم ويحترمنا غير هذه؟! هذا لو كانت هذه السفاهة مدعاة للافتخار لا التندر والاستخفاف والاحتقار؟!
هذا جانب له ما يقابله، ولا يدركه كل هؤلاء! وهو أن «أولي الأمر» ليسوا «أولي الأمر» حقيقة، ولو كان الأمر بأيديهم حقًا لربما لم يفعلوا؛ فهذه السفاهة في الإنفاق مطلوبة، بل مشروطة، ليس من اليوم بل من يوم أن تفجر النفط من منابعه أوائل ثلاثينات القرن الماضي!
في ذاك الوقت، اشترط المستخرج «الأمريكي» على صاحب الأرض «السعودي» أن يتوزع ريع هذا الركاز كما يلي: نصف للأمريكي، وجزء يُستثمر فرضًا عند الأمريكي، وجزء للتنمية ورفاهية الشعب السعودي، وجزء لتمويل الفساد في العالم الإسلامي (من إعلام متغرب يديره الطوائف والأقليات، لاسيما اللبناني منها)، وجزء لابد من إنفاقه في التفاهات، وهذا مصرف لابد منه، تسمع كل يوم منه طريفة مخجلة هنا وهناك!
والسياسيون والنشطاء، يفتحون جرح الرقابة والتدقيق: ألو كان للسعودية مجلس شورى حقيقي يسائل هؤلاء المسرفين عما يبذرون أكانوا واقعين في تلك الجريمة المالية؟! ألو كانت الموازنة السعودية خاضعة لتدقيق شديد من الشورى والإعلام الحر أكان هذا السفه حاصلًا؟!
بحسب صحيفة The Sun البريطانية، فإن النصر يسعى لتحويل رونالدو إلى سفير رياضي عالمي للمملكة، في إطار مشروع “رؤية السعودية 2030″، وذلك عبر الترويج للرياضة السعودية، وتعزيز مكانة دوري روشن في الأسواق الدولية.
وللقارئ أن يخمن: هذا الترويج في أي من المصارف المذكورة! وللتيسير قليلًا عليه، نقول: إن الترويج لرؤية السعودية ليس دور نادٍ محلي، وإنما النظام نفسه المتدثر خلف النادي، وهذه الرؤية خلفها فرض الراعي الغربي على السعودية أن تستضيف كأس العالم، لتقفز بالتغريب المتعمد لهذا البلد المتدين في هواء توطين الفساد، من خمور وعري وشذوذ، سيلازم حتمًا تدفق آلاف المشاهدين الأجانب لتلك الفعالية، فدور البوليفارد والحفلات لم يزل محدودًا، إذ لابد من رؤية «الشورتات» و«التنورات القصيرة» و«الهاف» في شوارع نجد والحجاز، ولابد للخمر أن يصبح معتادًا لا رقيب عليه، وإلا أغضبنا الضيوف، وليس من «الأدب» أن نحزن ضيوفنا، ولا من المدنية والتحضر أن نزعجهم في خلواتهم!