عن الموقف

في زمنٍ تغوّل فيه الحاكم حتى قدسوه، واختزلت الدولة في أشخاص، وأقصيت الشعوب عن القرار، وتم تسخير الدين لتسويغ التعبيد للحاكم والتشريع للاستبداد بدلًا من ردعه؛ هنا . . . أصبح الكلام فريضة والموقف أمانة.

نُلهَى بمواسم الاستهلاك، وتُهدَر ثرواتنا العامة دون شفافية، وتُغيَّب الكفاءات، ويُعاقَب المتسائل والمشارك بالرأي!! يستعملون الوطن كملكية خاصة، ويُعامل المواطن كأجير مستخدم بلا أي حق . كل ذلك يتم تحت مظلة شرعية مزوّرة تُعطِّل مقاصد الشريعة الأساسية في العدل والكرامة والمشاركة وحفظ الدين والمال والنفس.

قال الله تعالى: “إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل” (النساء: 58)، ونص النظام الأساسي للحكم في المملكة على أن:

“الحكم يقوم على أساس العدل والشورى والمساواة وفق الشريعة الإسلامية.”

فأين هذا من واقعنا اليوم؟!

إن الاستبداد لا يقتل السياسة فقط، بل يطفئ الضمير، ويقطع أوصال الناس ويخنق الإنسان في داخله.

“الموقف” ليس حزبًا ولا حربا ولا اصطفافًا ضيقًا، الموقف صوت الجميع، يُعيدنا للأصل: فالحاكم خادم لا إله وواجباته أعظم من واجبات المواطن وحسابه أشد. صوت يؤكد أن المال العام أمانة لا غنيمة، وأن الشورى حق لا منّة، الموقف يقول: أن الإنسان خُلق مكرَّمًا لا مُدجَّنًا.

إننا هنا نكتب ونستكتب كل قلم مستقل صقيل، وفاءً لفريضة النصح الموؤودة وبعثا للعقد السياسي المغيَّب بين الحاكم والمحكوم، وإيمانًا بأن الإصلاح يبدأ من الكلمة من الضمير، من موقف لا يُشترى ولا يباع.

فإن كنت ممن أنفوا الذلَّ ويكرهون الزيف والتزوير ويؤمنون أن أمتنا تستحق أكثر…

فهنا الموقف موقفك.