لو قلتم: إن بث الكراهية بين شعبي السعودية ومصر هو البذرة الخبيثة التي سيحصد من ورائها زارعوها نبتة خبيثة من الفُرقة والتشتت والضعف، ومزيد من الانبطاح أمام المحتل المجرم، العدو الأمريكي الذي لم يزل يذبّح المسلمين في غزة والسودان من خلال قفازاته «الإسرائيلية» والعربية، ويجوّع شعوبًا وقبائل مسلمة في شتى أنحاء العالم بسياساته المالية الجائرة، واقتصاده المؤسس على نهب خيرات المسلمين، ومنهم معظم الشعب المصري وفئات يزداد أعدادها كل يوم من المهمشين، والمغلوب على أمرهم في السعودية، لما أبعدتم النجعة عن الحقيقة!
ولو قلتم: بل إن بث الكراهية هذه ليست سوى حصادٍ لما زرعته أيدي الولاة في كلا البلدين، لما أبعدتم النجعة أيضًا، ولا حدتم عن الحقيقة قِيد أُنملة!
يستدل الذباب الإلكتروني على حملة الكراهية التي يشنها على أبناء الشعب المصري الشقيق، ودعواته لطرد العمالة المصرية من السعودية، بعدد كبير من المقاطع المزورة أو الحقيقية التي لا تعبر إلا عن حالات فردية أو حتى جماعية لفئات من المجتمع المصري، مشفوعة بتعميمات مقصودة تصف المصريين بالهمجية واللصوصية وفساد الأخلاق والتدين المغشوش أو المنعدم! فلئن كان الوضع مظلمًا هكذا كما يزعمون، فمن يكون مسؤولًا عن شيء كهذا أو من يشاطر النظام المصري والشعب المصري المسؤولية في الانحدار المشؤوم هذا؟!
إن ما أصاب جزءًا من المصريين بالفساد، هو نفسه ما ترك أثره على السعوديين بدرجة ما. هو ذاته تغيير المناهج التعليمية للأسوأ، وتسويد الرعاع ليقودوا الثقافة والإعلام. العالم الإسلامي كله في انحدار، يزيد هذا الشعب تارة في معدل تراجعه الأخلاقي والتديني، ويقل هذا، لكن الجميع ماضٍ في جرف الانحدار والانهيار.

ولئن كانت مصر تراجعت، وهي كذلك؛ فلأنها كانت قد تنسمت عبير الحرية وبدأت في مشروع نهضتها، وبدأت تسير بخطوات وثابة في الطريق الصحيح قبل ١٤ عامًا، فأبى «الأشقاء» الخائفون من «عدوى الحرية والاستقلال»! فوأدوا تجربتها الديمقراطية وموَّلوا ودعموا الانقلاب على الإرادة الشعبية المصرية، التي أرادت الانعتاق من الرق والضياع والخضوع لإملاءات الغرب، فأمسك «الأشقاء» بتلابيبها وألزموها طريق الرق تارة أخرى!
والذين بذلوا عشرات المليارات من أجل أن تعود مصر للحظيرة، فتغرق في العبث والديون وبيع أصولها ورهن قرارها السياسي للأعداء، والانحطاط الأخلاقي لا يلومون غيرهم على تمويل عملية خبيثة جعلت من البلطجي «نمبر وان»، والراقصة «أمًا مثالية»، وشذاذ الآفاق «طليعة ثقافية»، والغارقين في الفضائح الأخلاقية «دعاة ومفتين تليفزيونيين»!
من تلومون؟! أنفقتم جبالًا من المال لا لشيء إلا لكيلا يكون الشقيق حرًّا مستقلًّا شريفًا، فلما تراجعت مصر قلتم هؤلاء قد صاروا عالة علينا، غير أكفاء، لا يرقون للعمل لدينا!
كافحتم لئلا يحكم من يترضى على الأئمة الأربعة في قلب طهران، ويدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم على منبر الأمم المتحدة بما لم يفعله ولم يجرؤ على فعله أي حاكم مسلم في العالم لا في السابق ولا في اللاحق، فلما قتلتموه بأيديكم وأيدي «حلفائكم» تشكون ممن ارتمى في حضن إيران نكاية بكم وابتزازًا لكم؟!
والذين بذلوا عشرات المليارات من أجل أن تعود مصر للحظيرة، فتغرق في العبث والديون وبيع أصولها ورهن قرارها السياسي للأعداء، والانحطاط الأخلاقي لا يلومون غيرهم على تمويل عملية خبيثة جعلت من البلطجي «نمبر وان»، والراقصة «أمًا مثالية»، وشذاذ الآفاق «طليعة ثقافية»، والغارقين في الفضائح الأخلاقية «دعاة ومفتين تليفزيونيين»!
مصر كانت على أبواب نهضة في التعليم والزراعة والصناعة والصحة، وكادت تكون أكبر عون لكم وردئًا يسندكم ويقوي ظهركم المكشوف لترامب ولصوصه الدوليين، لكنكم أبيتم إلا أن تجروها معكم في حظيرة الذلِّ، وتحطموا آمال شعبها المسكين.
هذا حصاد ما زرع القادة هنا وهناك، من الشقاق والفُرقة والتشتت والانحدار، فمثل ما يقال عن مصر يقال أيضًا عن السعودية، فما هؤلاء هم طليعتها الثقافية والإعلامية والشرعية، فالانحدار حاصل بدركات بعضها تحت بعض، والشعوب هي من تدفع الأثمان الفادحة للسياسات الكارثية!